لم تكن بحاجة لأن يوقظها أحد هذا الصباح إذ أن هذا هو اليوم الذي ظلت تنتظره طويلا
هو ذلك اليوم الذي توسدت ذكراه طوال هذه المدة .. فكيف تنام عن إشراقة صباحه !!
فما إن داعبت خيوط شمس صباحه وجنتيها المتوردتين حتى أفاقت في نشاط متمتمة بدعاء الاستيقاظ
، انزلقت في حركة مرحة من على سريرها المرتفع لتعانق الأرض قدميها الصغيرتان
وكأنها في شوق لحركتهما عليها منذ الليل !!
جرت نحو الحمام ، غسلت كفيها البديعتين وتلك اللآلئ المصفوفة بين شفتيها
وتوضأت بحركات طفولية لا يسع ناظرها إلا الابتسام ملئ شفتيه
انتهت من وضوئها وارتدت حجابها الصغير لتصلي صلاة الصبح ..
فهي مازالت صغيرة وامها تنسى أن توقظها للفجر (هكذا تسمع دائما)
أنهت صلاتها في مشهد يفيض طهرا وبراءة
ثم توجهت إلى خزانة ملابسها ، وأخذت تنتقي وتفاضل وكأنه صباح العيد
بل هو موعدها المنتظر كل عام .
استقرت على ذلك الفستان الأبيض المزركش بورود حمراء صغيرة
وارتدته ثم أخذت شرائط شعرها وفرشاتها إلى أمها لتجدل لها ضفيرتين رائعتين
انسابتا على كتفيها تكملان صورة ذلك الملاك البريء.
تناولت فطورها في عجل وطبعت على خد أمها قبلة طفولية ثم حملت باقة الزهور التي جمعتها بالأمس
وخرجت .
كانت تجري في الطرقات يتناثر منها البهاء والفرح وكأنها شعاع نور يسري في الطرقات
أو كأنها وردة معطرة تفيض شذى .
ولما لاح لها مرادها توقفت .. وسكنت .. وتحولت بسماتها إلى صمت مهيب ودمعات تترقرق حبيسة الأجفان
مكثت على وضعها هذا هنيهة ثم أفاقت .. فبدأت تخطو نحوه ببطء .. فلما صارت أمامه
جثت على ركبتيها .. وأودعت باقتها ذلك الطين الطيب الفواح مسكا
ثم روتها بما حفظته في مقلتيها من دمعات طاهرات .. قبل أن تقول بحنان
(كل عام وانت طيب بالجنة جدو أحمد ياسين )