الأربعاء، مارس 04، 2009

حنــيــن



في قلبي ألم أسمع صوته

ينبض بيني

كسر النبض حدود السمعْ

على شفتايَ

تلوح البسمة

تغرق حزناً

بين الدمعْ


هناك

كنت أداعب ذاك الفرعْ

كنت أحاكي

بلون الريشة

روح الزرعْ

كنت أغرد

مثل الطيرِ

كان لصوتي

نغمٌ عذبٌ مثل النبعْ


هناك

على الجدران

كنت أخربش بالطبشورْ

كنت أشاكسُ

أستاذي

وقت الطابورْ

كان أصيلا ً

مثل جذورْ

كان رقيقا ً

مثل زهورْ


هناك

كنت أرافق تلك الطفلة

كنا نتسابق حين العودة

حتى نلهثْ

تحت شجيرات الزيتون

كان المجلسْ

كنا نضحكْ

كنا نعبسْ

كنا نركضْ

كنا نرقدْ

نتدحرج بين الأعشابْ

كنا نعبثْ


هناك

كان أذان المسجد يعلو

يغسلني

يملؤني طهرْ

كنت أجاور أمي

في وقفتها

حين يحين أوان الظهرْ

كنت أحبُ

صوت الماءِ

في نافورة ساحتنا

في جلستنا بعد العصرْ

وغروب الشمس ِ

ما أحلاهُ

ما أعمقه حين الذكرْ

كان يغذي الطفلة فيّ

بأرقى أطياف الفكرْ

وعِشاء الليل ِ

تختم يومي

بحس الفخرْ


هناك

كنتُ و كانوا

لكن الغدر يبعثر دوما ً

طعم الفرحْ

جف بأرضي

عود القمحْ

مات بقلبي

معنى السلم

ومعنى الصفحْ

غص بحلقي

طعم الجرحْ


جف الفرعْ

مات الزرعْ

خنق الصوت العذب بحلقي

نحيب الدمعْ


وتكسر قلم الطبشورْ

هدم الأوغاد جداري

وانهار السورْ

قتلوا أستاذي الحاني

نثروا الطابورْ


فعلوا برفيقة دربي

ماهو أنجسْ

سرقوا براءة ضحكتها

سرقوا منا

أُنس المجلسْ

حرقوا أشجار الزيتون

سحقوا العشب

صار عبوس الوجه يداري

قلبا أتعسْ


هدموا مسجد قريتنا

وقت الفجرْ

وحين الظهرْ

لم أسمع صوت المئذنةِ

لم أسمع إلا

صرخة والدتي

فوق السجادة

كانت تنزف مثل النهرْ

والنافورة

صارت حجرا ً

صارت يَبَسا مثل الصخرْ

والماءُ تبخرَ في ألم ٍ

غادر قريتنا أبد الدهرْ

واليوم تناهى في حزن ٍ

ولون ختامهْ

ظلم الغدرْ

وذل القهرْ


..


ويظل حنيني

إليكِ بلادي

أبد الدهر

لتعودي وردة أمجادي

لتعودي للقلب البهجة

ليعود الماء إلى النهر


:)